مقدمة: لماذا يتغيّر مشهد التوظيف الآن؟
أدخلت أدوات الذكاء الاصطناعي تغييرات سريعة على كيفية إعلان الوظائف، فرز السير الذاتية، تقييم المقابلات، وحتى اتخاذ قرار التوظيف النهائي. تبنّي الشركات لتقنيات مثل تقييم السير آلياً أو تحليل مقابلات الفيديو ارتفع خلال السنوات الأخيرة، مما جعل عملية البحث عن عمل تتطلّب استراتيجية جديدة من المتقدّمين.
التغير لا يقتصر على التكنولوجيا فقط بل يشمل أيضاً بيئة تنظيمية متسارعة؛ فالاتحاد الأوروبي وضع قيوداً جديدة على استخدامات عالية المخاطر للذكاء الاصطناعي في التوظيف، بما في ذلك حظر تقنيات «التعرّف على العواطف» واستخدام البيانات البيومترية بدون ضمانات، وذلك ضمن قواعد ستدخل حيز التنفيذ الكامل في الأعوام القادمة.
كيف يؤثر ذلك عملياً على الباحث عن عمل؟
1. فرز أولي آلي (ATS وLLMs)
العديد من الشركات تستخدم الآن نظم فرز السير الذاتية المعتمدة على قواعد أو نماذج لغوية لتقييم مبيعات المرشحين الأولية. هذا يعني أن تنسيق السيرة واستخدام كلمات مفتاحية متعلقة بالوظيفة لا يزالان مهمين، لكن هناك مخاطرة أيضاً في أن تبدو السيرة «مولدة آلياً» ما قد يوقظ الشك لدى بعض موظفي التوظيف. الباحثون أشاروا إلى زيادة أدوات الكشف عن محتوى مولَّد بواسطة نماذج مثل ChatGPT، وبعض الشركات تبلغ عن نسب ملفات يتم تمييزها كـ"مولَّدة آلياً".
2. تقييم المقابلات بالفيديو والتحليلات متعددة الوسائط
تستخدم بعض الأدوات تحليلات صوتية وبصرية للتنبؤ بملاءمة المرشح. دراسات حديثة تحذّر من أن هذه النظم قد تميّز سلباً ضد الناطقين بلكنات غير أميركية، أو الأشخاص ذوي إعاقات كلامية، لأنّ بيانات التدريب غير متنوعة بما يكفي. لذلك قد تواجه شريحة من المتقدمين خضوعاً لتقييم خاطئ يعتمد على تحليلات غير عادلة.
3. تحيزات جديدة تتداخل مع الحماية التقليدية
بجانب التحيزات المعروفة (اسم، سن، منشأ)، تظهر أبحاث جديدة عن تحيّز «تفضيل الذكاء الاصطناعي لنماذجه الخاصة» عندما يُستخدم نفس نوع النموذج على جانبي التقديم والتقييم، ما قد يمنح الأفضلية لمن يستخدم نفس أدوات الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها المقيم. هذه الظاهرة قد تغيّر قواعد اللعبة في بعض المجالات.